"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

30‏/4‏/2011

مرة أخرى: ماذا حدث في بهرز ؟ - 1

تحقيق: عشتار العراقية

في 2004 حدثت جريمة في بهرز ، قتل جنود الإحتلال فتية في قرية نائية قرب بعقوبة بمحافظة ديالى. ومثل كل جرائمهم اختفت آثارها وطواها النسيان، ولكن جرائم الاحتلال في حق شعبنا العراقي لا تسقط بالتقادم. كانت اول جريمة (أحقق) فيها اذا جاز لي هذا التعبير.

الآن بعد اكثر من خمس سنوات، تحدث جريمة مشابهة تماما لها في تفاصيلها، ولكن هذه المرة في قرية نائية في أفغانستان. وفي هذا الملف أقارن بين الجريمتين ، على أمل إحياء التحقيق في جريمة بهرز. راجية من كل عراقي شريف أن يشارك في رفع القضية الى أعلى المستويات، في عالمنا الفاسد الخبيث هذا.

جريمة أفغانستان، دقت ناقوسا في رأسي. وهكذا دعونا نتحدث عنها أولا:

بقلم مارك بوال
27 مارس 2011
ترجمة عشتار العراقية

توصلت مجموعة من رجال المشاة الامريكان في السنة الماضية وبعد 6 اشهر من الخدمة في افغانستان، الى قرار حاسم: لقد حان الوقت لقتل "حجي" (اللقب الذي يطلق لتنميط المواطنين المسلمين في العراق وافغانستان).

كانت مسألة قتل أفغاني مدني قد اخذت الكثير من وقت النقاش في أوقات تناول الغداء وكذلك اوقات السمر ليلا بين رجال سرية برافو. واستمر الجدل لمدة اسابيع حول اخلاقيات قتل "المتوحشين" واحتمال امساك الفاعلين بالجرم المشهود. كانت الفكرة تسبب القلق لبعضهم ولكن آخرين كانوا متحمسين لها من البداية. ولكنهم توصلوا، بعد بداية السنة الجديدة بوقت قصير، وحين كان الشتاء يهبط على سهول مقاطعة قندهار، الى اتفاق: انتهى دور الكلام وحان وقت وضع الإصبع على الزناد. كانت سرية برافو موجودة هناك منذ الصيف تحاول بقليل من النجاح اثبات الوجود الأمريكي في منطقة من اشد المناطق الأفغانية عنفا.

غادرت الفصيلة الثالثة للسرية وهي جزء من اللواء الخامس سترايكر ، المعسكر في قاعدة العمليات المؤقتة رامرود، في صباح 15 كانون الثاني، في قافلة من حاملات الجنود نوع سترايكر المدرعة . اخترقت الشاحنات الثقيلة ذوات العجلات الثمان، الصحراء الجرداء الممتدة حتى وصلت الى قرية فلاحين معزولة مدفونة عن الأعين خلف بعض حقول الخشخاش ، تسمى محمد قالاي.

أوقف الجنود مركباتهم عند اول القرية وساروا على الاقدام. كان يشتبه ان سكان القرية من المؤيدين لطالبان ويقدمون لهم ملاذا للاعداد للضربات ضد الجنود الأمريكان. ولكن حين تقدم الجنود في ازقة القرية لم يشاهدوا اي مسلح او اية شواهد على وجود عدو. بدلا من ذلك كان المشهد الذي استقبلهم هو ذاته في كل مكان في القرى الأفغانية: قرية فقيرة بدون كهرباء او ماء نظيف ورجال ملتحون بأسنان منخورة وملابس تقليدية رثة وأطفال صغار متحمسون للحصول على حلويات او نقود. لم يكن من السهل معرفة من من اهالي القرية يتعاطف مع طالبان.

وبينما انفصل الضباط عن القافلة للحديث مع كبير القرية داخل مجمع سكني، تجول جنديان بعيدا عن الوحدة حتى وصلا الطرف البعيد من القرية. و بدآ البحث في حقل خشخاش قريب، عمن يقتلونه. وكما قال احد الرجلين فيما بعد لمحقق عسكري "كان الاجماع هو انك اذا اردت عمل شيء جنوني مثل هذا فلابد ان يكون في مكان لايتوفر فيه شهود"

رأى الكوربورال (نائب العريف) جيرمي مورلوك والجندي اندرو هولمز بين نباتات الخشخاش التي كانت ماتزال قصيرة في هذا الوقت من السنة، مزارعا شابا يعمل وحده وسط الزرع، في حين وقف بعض الجنود الآخرين على بعد للحراسة. ولكن المزارع كان الأفغاني الوحيد هناك، وليس ثمة اي شهود والتوقيت ملائم. وهكذا ولهذه الأسباب اختاروه للقتل.

كان فتى ناعم الوجه في حوالي الخامسة عشر من العمر. ليس اصغر منهما كثيرا، فقد كان عمر مورلوك 21 عاماً وهولمز 19. وكان اسم الفتى كما سيعرفون لاحقا (غول مودين) وهو اسم شائع في أفغانستان. كان يرتدي (غطاءً/كاب) على رأسه وسترة خضراء غربية الطراز. لم يكن يحمل في يده شيئا يمكن تأويله على أنه سلاح، ولا حتى مسحاة.. وكانت ملامح وجهه مرحبة . وقد اعترف مورلوك لاحقا "لم يكن يشكل اي خطر".

سار نحوهما، فطلب منه مورلوك وهولمز باللغة البشتونية ان يتوقف. توقف الصبي. وقف ثابتا.

ركع الجنديان خلف حائط طيني ورمى مورلوك قنبلة يدوية باتجاه مودين متخذا الجدار ستارا. وحين انفجرت القنبلة فتح هو وهولمز نيران سلاحيهما الآلي وامطرا الفتى بالرصاص.

سقط مودين على وجهه على الأرض . وانزلق الغطاء عن رأسه وساحت بركة من الدم حول رأسه.

كان صوت الطلقات قد أيقظ القرية النائمة . كما اثار حالة الاستعداد للقتال بين بقية الجنود، ولكن بعضهم ظل هادئا حتى حين انطلق صوت مورلوك في الراديو يصرخ انه تعرض لهجوم. على تل قريب استدار الجندي آدم ونفيلد الى صديقه الجندي اشتون مور واوضح له ان المسألة ربما ليست حالة قتال حقيقية. انه على اكثر احتمال قتل ممسرح كما قال: خطة اتفق عليها الجنود لقتل افغاني مدني بدون اتهامهم بالجرم.

وعند الجدار الطيني، حين وصل الجنود الى المشهد، وجدوا جثة القتيل والدماء على الأرض وكان مورلوك وهولمز يختبئان خلف الجدار تبدو على ملامحهما الذعر، وحين سألهما العريف عما حدث، قال له مورلوك ان الفتى كان على وشك رميهما بقنبلة يدوية "وقد اضطررنا لقتله"

ملاحظة: ساهم في صياغة النص المترجم صديق الغار (أبو هاشم)


الى الحلقة الثانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق